سورة النحل - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} يا محمد، {فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} قرأ أهل الكوفة {يهدي} بفتح الياء وكسر الدال أي: لا يهدي الله من أضله. وقيل: معناه لا يهتدي من أضله الله.
وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الدال يعني من أضله الله فلا هادي له كما قال: {ومن يضلل الله فلا هادي له} [الأعراف- 186].
{وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} أي: مانعين من العذاب. قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} وهم منكرو البعث، قال الله تعالى ردا عليهم: {بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ} أي: ليظهر لهم الحق فيما يختلفون فيه {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يقول الله تعالى: إذا أردنا أن نبعث الموتى فلا تعب علينا في إحيائهم، ولا في شيء مما يحدث، إنما نقول له: كن، فيكون.
أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن همام بن منبه، حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله: كذبني عبدي، ولم يكن ذلك له، وشتمني عبدي ولم يكن ذلك له، فأما تكذيبه إياي، أن يقول: لن يعيدنا كما بدأنا، وأما شتمه إياي، أن يقول: اتخذ الله ولدا، وأنا الصمد، لم ألد، ولم يكن لي كفوا أحد».


قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} عذبوا وأوذوا في الله.
نزلت في بلال، وصهيب، وخباب، وعمار، وعابس، وجبر، وأبي جندل بن سهيل، أخذهم المشركون بمكة فعذبوهم.
وقال قتادة: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ظلمهم أهل مكة، وأخرجوهم من ديارهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة، ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة، وجعل لهم أنصارا من المؤمنين.
{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} وهو أنه أنزلهم المدينة.
روي عن عمر بن الخطاب كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاء يقول: خذ بارك الله لك فيه، هذا ما وعدك الله في الدنيا، وما ادخر لك في الآخرة أفضل، ثم تلا هذه الآية.
وقيل: معناه لنحسنن إليهم في الدنيا.
وقيل: الحسنة في الدنيا التوفيق والهداية.
{وَلأجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} وقوله: {لو كانوا يعلمون}، ينصرف إلى المشركين لأن المؤمنين كانوا يعلمونه. {الَّذِينَ صَبَرُوا} في الله على ما نابهم {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ} نزلت في مشركي مكة حيث أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا، فهلا بعث إلينا ملكا؟
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} يعني مؤمني أهل الكتاب، {إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.


{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} واختلفوا في الجالب للباء في قوله: {بِالْبَيِّنَاتِ} قيل: هي راجعة إلى قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا} وإلا بمعنى غير، مجازه: وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر غير رجال يوحى إليهم ولم نبعث ملائكة.
وقيل: تأويله وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم أرسلناهم بالبينات والزبر. {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} أراد بالذكر الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مبينا للوحي، وبيان الكتاب يطلب من السنة، {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا} عملوا {السَّيِّئَاتِ} من قبل، يعني: نمرود بن كنعان وغيره من الكفار، {أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} {أَوْ يَأْخُذَهُمْ} بالعذاب، {فِي تَقَلُّبِهِمْ} تصرفهم في الأسفار. وقال ابن عباس: في اختلافهم. وقال ابن جريج: في إقبالهم وإدبارهم، {فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} بسابقين الله. {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} والتخوف: التنقص، أي: ينقص من أطرافهم ونواحيهم الشيء بعد الشيء حتى يهلك جميعهم، يقال: تخوفه الدهر وتخونه: إذا نقصه وأخذ ماله وحشمه.
ويقال: هذا لغة بني هزيل.
وقال الضحاك والكلبي: من الخوف، أي: يعذب طائفة فيتخوف الآخرون أن يصيبهم مثل ما أصابهم.
{فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} حين لم يعجل بالعقوبة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8